اضطرابات نفسية وعقلية تطال 18% من متعافي كورونا
د. نبيل خوري: إحباطَ الـ"كورونا" يترك أثراً في النظامِ العصبيِّ
حوالي 18% من المتعافين من مرضِ كوفيد 19 ظهرت عليهم أعراضُ أمراضٍ نفسية خلالَ مدّ ةٍ تصلُ إلى 3 أشهر من تاريخِ الشفاء، هذا ما توصلَت إليه دراسةٌ أجراها باحثون في جامعةِ أكسفورد ومركزِ أكسفورد للأبحاثِ الطبيةِ الحيوية، بعد تحليلِ السجلّاتِ الطبية لـ69 مليون مريضٍ في أميركا من 20 كانون الثاني حتى 1 آب، وشملت الدراسةُ 62 ألف شخص تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا.
هذه النسبة تقاربُ ضعفَ نسبةِ من عانوا من تبعاتٍ نفسيةٍ عند الإصابةِ بأمراض خطيرة كالسارس.
مشاكلٌ عقليةٌ ونفسيةٌ مختلفةٌ تظهرُ عند المتعافين من فيروس كورونا، وفق ما تشيرُ الدراسة، تبدأ بالأرقِ والاكتئابِ والقلقِ، وهي الأكثر شيوعاً، وتصلُ إلى حدِّ الأمراضِ النفسيةِ الخطيرة مثل الخرفِ وحالةِ ضعف الدماغ.
تعقيباً على نتائجِ الدراسة، يشيرُ الاختصاصي في علمِ النّفسِ العيادي والتوجيه العائلي د. نبيل خوري إلى أنّه لا شكّ أنّ عدداً كبيراً من البشر حول العالم تأثّروا بفيروس كورونا على الصعيدِ النّفسي، سواء أُصيبوا بالفيروس هم أنفسهم أو أحد أفرادِ عائلتِهم أو اضطروا لعزلِ أنفسِهم لفترات معيّنة أو فقدوا شخصاً من أقربائهم أو أصدقائهم نتيجةَ المرض.
العوارضُ الصحيةُ والآلامُ الجسديةُ تترافقُ عند الإصابةِ بكورونا بحالةٍ من الشكِ والخوفِ من المجهول، ولا سيما أن الفيروس لم يَكشف بعد عن كل آثارِه وتبعاتِه على جسمِ الإنسان، والعلم لم يتوصّل إلى معرفة كل شيء عنه أو إلى علاجٍ أو لقاحٍ مضمون، ما يجعلُ المريضَ في ترقّبٍ دائمٍ لتبعاتِ المرض وتساؤلٍ عمّا إذا كان قد يؤدي إلى وفاتِهِ وحيداً. دوامةُ من الأفكارِ السلبية قد يقع فيها المصابُ بفيروس كورونا تؤدي إلى تدهورِ حالتِه الصحية النفسية، ولا سيّما أنّ العزلَ يعطيهِ شعوراً بالنبذِ الاجتماعي، ما يدفعُه إلى سلوكٍ خارجٍ عن السيطرة، قد يصلُ إلى الوسواسِ القهري ونوباتِ الهلع.
عواملُ أخرى منها المعاناةُ المادية، فقدانُ الوظائف، حسمُ جزءٍ من الراتب، وعدم القدرة على تلبيةِ مختلف الحاجات، يرى د. خوري أنّها تزيدُ من حدّةِ الضغطِ النفسي أثناء هذه الجائحة، وخاصةً أن المواكبةَ النفسيةَ ضعيفة.
وبعد هذه المرحلة، يلفت د. خوري إلى أن الإحباطَ سيكونُ قد تركَ أثراً في النظامِ العصبيِّ للإنسان، وقدراتِه التفاعليةَ ستضعف، وسيعيشُ مواقفَ تنعكسُ سلباً على أدائِه الإنساني، مؤكداً أن الوضعَ النّفسي المضطرب سيستمرُ على المدى المنظور في العالم كلِّه، نظراً لما يمرُّ به من تخبطٍ وإقفالٍ وإعادةِ فتح وإجراءاتٍ وقائيةٍ مشدّدةٍ وأعدادِ وفياتٍ مرتفعة. ويضيف: “الإضطرابات النفسية نتيجة كورونا موجودة وكبيرة وحادّة”.
وفي مواجهة ذلك، ينصح د. خوري بالصبرِ والعملِ على تعبئةِ الوقتِ بأنشطةٍ مختلفةٍ خلالَ فترةِ الإقفال، كالتّلهي بنشاطاتٍ ذات طابعٍ عائلي داخل المنزل والقيامِ بأشياء مسلية والإنتاجِ في البيت من خلال العمل عن بعد أو الدرس أو الطبخ أو التنظيف.
آلاء ترشيشي